ادعمنا

التنمية الاقتصادية - Economic Development

 

تكثر تقسيمات الدول تبعاً للمقومات التي تمتلكها، ومن بين هذه التقسيمات هي توزيع الدول بين عالمٍ متطوّر وعالمٍ متخلّف. فلكلّ عالمٍ مجموعة من الخصائص التي تميّزه عن غيره وتُقاس من خلالها تصنيف الدول. فمن القضايا التي أُثيرت حول الدول المتخلفة هي الفقر وانخفاض مستويات الدخل ممّا أثر على مجال التنمية وانعكس على المستوى المعيشي للسكان. من هنا كثُر الحديث عن التنمية الاقتصاديّة للتركيز على السياسات التي يمكن استخدامها لتحسين ظروف هذه الدول ومحاولة إيجاد حلول لمشاكلها. فتعاظم اهتمام علماء الاقتصاد بها عقب الحرب العالميّة الثانية وبعدما حصلت دول عديدة على استقلالها، اذ اعتبروا أنّ هذه الدول لا بدّ لها أن تهتم بالتنمية الاقتصاديّة لتحسين أوضاعها والقضاء على مسببات التخلّف. فما هو مفهوم "التنمية الاقتصاديّة"؟ وكيف يمكن تحقيقها في الدول النامية؟ وما هي أبرز معوقاتها؟

 

تعريف التنمية الاقتصاديّة معجميًّا

إنّ التنمية الاقتصاديّة مصطلح مركّب من "التنمية والاقتصاد"، فبالاستناد إلى معجم مفاهيم التنمية تُعرّف "التنمية" على أنّها: "عمليّة تهدف لتحسين نوعيّة الحياة لكلّ البشر."وبالانتقال إلى تعريف "التنمية الاقتصادية" في المعجم نفسه وردت كالتالي: "التغيّر النوعي والبنيوي في اقتصاد بلدٍ شاملاً التقدّم الاجتماعي والتكنولوجي. من أهم مؤشراته ارتفاع نصيب الفرد من الناتج القومي مما يعكس نمواً في الإنتاجيّة والرّفاهية مع تزامن في خفض الفقر وإلغاء عدم المساواة." كما أنّ ذكِر تعريف التنمية الاقتصاديّة ضمن القاموس الاقتصادي على أنّها: "هي الغاية الأساسيّة لمختلف السياسات الاقتصاديّة، وذلك لمواجهة الحاجات الفرديّة والجماعيّة (ارتفاع مستوى المعيشة) من ناحية ولمواجهة المنافسة الدوليّة من ناحية أخرى."

 

مفهوم التنمية الاقتصاديّة

يقول واين نافزيجر- Wayne Nafziger: "تشير التنمية الاقتصاديّة إلى النموّ الاقتصادي مصحوبًا بتغيرات في توزيع الإنتاج والهيكل الاقتصادي. وقد تشكل هذه التغييرات تحسّنًا في الرفاه المادي للنصف الأفقر من السكان وانخفاض حصة الزراعة من الناتج القومي الإجمالي وزيادة بالمقابل في حصة الصناعة والخدمات الوطنيّة والزيادة في تعليم مهارات القوى العاملة والتقدم التقني الكبير الذي يحدث داخل دولة ما." وبذلك قصد نافزيجر أنّ التنمية الاقتصاديّة تتضمّن تغييرات أساسيّة تنعكس على القطاعات الإنتاجيّة وأوضاع السكان. بالإضافة إلى ذلك تقول برابها بانث - Prabha Panth : "تعتبر التنمية الاقتصاديّة بمثابة التحول الهيكلي للاقتصاد من خلال إدخال المزيد من التقنيات الآلية والحديثة لزيادة إنتاجية العمل والتوظيف والدخل ومستوى معيشة السكان." وبهذا التعريف تقصد بانث أنّ التنمية الاقتصاديّة تتطلّب تكنولوجيا وتقنيّات حديثة لتتمكن من تحسين مختلف الأوضاع داخل بلد ما.

فضلاً عن ذلك، يعرّف صقر أحمد صقر التنمية الاقتصاديّة بأنّها: "العمليّة التي يمكن من خلالها تحقيق زيادة مستمرّة في دخل الفرد الحقيقي في الدولة على مدى فترة زمنيّة طويلة- بشرط عدم زيادة عدد الأفراد الذين تكون دخولهم أقل من 'خط الفقر المطلق'، وعدم تزايد التفاوت في توزيع المداخيل." لذا يكون قد حدّد صقر بتعريفه أنّ هناك مجموعة من القوى تتفاعل ضمن هذه العمليّة من أجل الوصول إلى أهدافها المرتبطة بالدخل.

 

الفرق بين التنمية الاقتصاديّة والنّمو الاقتصادي

يختلف مفهوم التنمية الاقتصاديّة عن مفهوم النمو الاقتصادي. فكما اتضح من التعريفات التي ذُكِرت آنفًا، إنّ التنمية الاقتصاديّة تُعبّر عن الإجراءات التي تتخذها مختلف الجهات من صنّاع السياسات للتدخل في السياسات من أجل تقليص الفقر وزيادة الدخل وتحقيق الرّفاهية الاقتصاديّة والاجتماعيّة. أمّا النمو الاقتصادي يُقصد بهِ "حدوث زيادة مستمرة في إجمالي الناتج المحلي أو الدخل القومي الحقيقي، بما يُحقق زيادة في متوسط نصيب الفرد من الدخل القومي الحقيقي." فإنّ النمو الاقتصادي يُعد من فروع وجوانب التنمية الاقتصاديّة. بالإضافة إلى ذلك إنّ النمو الاقتصادي يرتبط بالناتج المحلي الإجمالي للبلد، وإنما التنمية الاقتصاديّة مفهوم شامل أكثر من ذلك، فيرتبط بمستوى المعيشة وتحسينها، "حيث أن تحقيق الرفاهية أمر يتخطى النمو الاقتصادي، إذ يضم جوانب أخرى مثل التعليم والصحة والأمان وغيرها من أساسيات الحياة، وهو ما ينقلنا للحديث عن 'التنمية الاقتصادية'." لذا إنّ للتنمية الاقتصاديّة أبعاداً تتجاوز النمو الاقتصادي، حيث تفرض تغييرات جوهريّة مرتبطة بالتغيير الهيكلي في أنماط الإنتاج وفي الأوضاع الاقتصاديّة والاجتماعيّة وحتى السياسيّة في دول ما. وكذلك يُعد النمو الاقتصادي هدف قصير المدى، بينما التنمية الاقتصاديّة هدف طويل المدى بحاجة إلى وقت لتتبيّن انعكاساته.

 

أهداف التنمية الاقتصاديّة

من "أبرز دعاة التنمية الاقتصاديّة هو البريطاني آدم سميث (Adem Smith) الذي أطلق هذا المفهوم على عمليّة تأسيس نظم اقتصاديّة وسياسيّة تُسمّى في مجملها عمليّة التنمية". فتسعى التنمية الاقتصاديّة إلى تحقيق مجموعة من الأهداف ولعلّ أبرزها يتمثّل في تحسين اقتصاد الدول النامية وتطويرها وذلك من خلال سعيها إلى إجراء تغييرات في الهيكل والبنيان الاقتصادي وتوسيع "الطاقة الإنتاجية، فبالإضافة إلى ضرورة الاهتمام بالزراعة يتعيّن الاهتمام بالصناعة وبذلك يزيد الناتج المحلي وبتنويع الإنتاج في المجتمع، وتزداد فرص العمل وتتحرّر الدولة تدريجيًّا من تبعيتها للعالم الخارجي." كما أنّها تعمل على إعادة توزيع الدخل لتحقيق العدالة لصالح الطبقات الفقيرة لكي لا تستأثر فئة معينة بالدخل. بالإضافة إلى ذلك إنّ التنمية الاقتصاديّة تهدف إلى تحسين نوعية السلع والخدمات للتأثير على أوضاع السكان بمختلف المجالات مثل المجال التعليمي لرفع المستوى الثقافي. علاوةً على ذلك إنّها تهدف إلى زيادة الاستثمارات ورفع الدخل القومي وخفض البطالة وتحسين مهارات القوى العاملة. فضلاً عن ذلك إنها تسعى إلى القضاء على الفقر وتحقيق الاكتفاء الذاتي. وإنّ تحقيقها لأهدافها لا يمكن أن تُنفّذ "بأية طريقة منظمة إذا لم يكن هناك إطار وطني، وإستراتيجيّة للتنمية تربط بين الأهداف التنمويّة والوسائل المتاحة لتحقيقها. ويجب أن تسعى الاستراتيجيّة التنمويّة لنزع القيود التي تمنع الشعب من الإبداع"، أي أنّ عمليّة التنمية الاقتصاديّة يجب أن تشرك الشعب في تحقيق أهدافها.

 

مؤشرات قياس معدلات التنمية الاقتصاديّة

إنّ قياس التنمية الاقتصاديّة لا يقتصر فقط على متوسط نصيب الفرد من الناتج المحلي وإنما يتعدّى ذلك إلى مؤشرات أوسع مرتبطة بالوضع الاقتصادي في دولة معينة. فإنّ مؤشرات التنمية الاقتصاديّة تتضمن التقارير والإحصائيات والبيانات التي يُقاس من خلالها أداء كافة القطاعات والتي تُعبر عن مدى تقدّم الدول أو تأخّرها. فمن بين هذه المؤشرات التي يُمكن اعتمادها هي معدلات الإنتاج والتصنيع ومؤشر الثقة في الاقتصاد ومؤشر قطاع البناء والإسكان ومؤشر معدلات التوظيف والبطالة. بالإضافة إلى المؤشرات المرتبطة بالميزان التجاري ونسبة الصادرات ومؤشر الاستهلاك والأجور والأسعار. كما أنّه نتيجة التطوّرات التي حصلت ونتيجةً لمتطلبات دمج الأبعاد التنمويّة الأخرى كالاجتماعيّة والبيئيّة والسياسيّة والبشريّة والمؤسسيّة إلى البعد الاقتصادي للتنمية ظهرت الحاجة إلى "استحداث وتطوير مؤشرات أكثر دقة وموضوعيّة وقابلة للقياس الكمي لتقييم الوضع المطلق والنسبي لكل دولة في مسارها الإنمائي مثل: درجة الاعتماد على الصادرات في السلع المصنعة، متوسط حجم الادخار العائلي، نسبة العمالة في كل من القطاع الصناعي والزراعي إلى إجمال قوّة العمل، حجم الاقتصاد غير الرسمي للدولة، معدلات النمو السكاني ومتوسط العمر المتوقع، معدلات الهجرة من الريف إلى المدينة، حجم الاستثمارات في مشروعات البنية التحتيّة، مؤشرات القدرة المؤسسيّة للحكومات والأسواق الماليّة، معدلات الفساد، الشفافيّة، وإتاحة المعلومات، وأيضًا مرونة الاقتصاد في مواجهة الصدمات الخارجيّة."

 

نظريات التنمية الاقتصاديّة قبل الحرب العالميّة الثانية

تعدّدت النظريات التي وُجِدت لتفسّر التنمية الاقتصاديّة، فتراوحت بين نظريات تحلّل أسباب فشل الدول النامية في تحقيقها للتنمية وبين نظريات أخرى تبحث عن العوامل الأساسيّة التي تقود إلى التنمية. كما ذكرنا آنفًا إنّ آدم سميث من أوائل المفكرين الذين تحدثوا عن التنمية، حيث تقوم نظريته على القانون الطبيعي أي التحليل الاقتصادي انطلاقًا من فكرة اليد الخفيّة، "بمعنى أنّ النظام الاقتصادي قادر على تحقيق التوازن تلقائيًّا بدون تدخل الدّولة الذي قد يعرقل النمو الاقتصادي، أي اتباع الحرية الاقتصاديّة." كما اعتبر أنّ لزيادة الإنتاجيّة يجب الاهتمام بتقسيم العمل لضمان المزيد من التخصّص. وتحدّث سميث عن تراكم رأس المال الذي يُعد ضرورة للتنمية الاقتصاديّة إذ يؤدي إلى المزيد من الادخار والاستثمار في الاقتصاد. لذا يكون قد ربط بين التراكم الرأسمالي وتقسيم العمل وانعكاسه على زيادة الدخل الذي يؤثر على زيادة الادخار والاستثمار. كما يُشجع سميث على حرية التجارة ليوسع أصحاب العمل مصالحهم مما يقود إلى التنمية. ويعتبر أنّ عندما تتخصص كل مجموعة من الأفراد في مجال إنتاجي معين إنهم سيشكلون سويًّا في نهاية المطاف التنمية. ومن بعده هناك العديد من المفكرين الدين صاغوا نظرياتهم من أمثال دايفيد ريكاردو- David Ricardo وروبرت مالتس- Robert Malthus وكارل ماركس- Karl Max وجوزيف شومبيتر- Joseph Schumpeter وجون كينز- John Keynes . فلكل مفكّر كان له تحليلاته الهامة بشأن التنمية الاقتصاديّة. 

 

نظريات التنمية الاقتصاديّة بعد الحرب العالميّة الثانية

بعد الحرب العالميّة الثانية أخذت عمليّة التنمية الاقتصاديّة منعطفًا جديداً وبرز المفهوم للتعبير عن المتطلبات التي يجب أن تحدث لتحسّن الدول النامية أوضاعها الاقتصاديّة. ومن أبرز هذه النظريات هي نظرية والت ويتمان روستو- Walt Whitman Rostow، حيث حدّد خمس مراحل يجب أن تتبعها الدول النامية للوصول إلى التقدم "وهي مرحلة المجتمع التقليدي، مرحلة التهيؤ للانطلاق، مرحلة الانطلاق، مرحلة النضج، ومرحلة الاستهلاك الوفير". حيث اعتبر أن مرحلة المجتمع التقليدي تتسم فيها الدولة بشدة التخلف وتفشي الإقطاع وغلبة الطابع الزراعي وانخفاض الإنتاجيّة وتدني مستوى نصيب الفرد من الناتج القومي وهي مرحلة طويلة وبطيئة الحركة. أمّا مرحلة التهيؤ للانطلاق هي عندما تبرز نخب تدعو إلى التغيير وبعضها يرغب بالادخار والاستثمار وتبرز ظاهرة قومية تعتبر قوة دافعة للتغيير ويبرز تقسيم العمل والتخصص وظهور القطاع الصناعي والاستثمارات الاجتماعيّة، ولكن يبقى نصيب الفرد من الدخل منخفضًا. بينما المرحلة الثالثة وهي مرحلة الانطلاق هي عندما تتصف الدولة بالناهضة وسائرة على طريق النمو ويصبح هناك نهضة بأساليب الإنتاج وظهور الصناعات الثقيلة والجديدة وتبرز إطارات سياسيّة واجتماعيّة دافعة للنمو، وتكون هذه المرحلة قصيرة نسبيًّا وتشهد تقدّمًا إلّا أنّه يبقى المجتمع محتفظًا بأساليب الإنتاج البدائيّة. وكذلك هناك المرحلة الرابعة وهي مرحلة النضج عندما يبدأ اعتبار الدولة متقدمة اقتصاديًّا حيث تنمو القطاعات كافةً بشكل متوازٍ وترتفع الإنتاجيّة وتتطوّر التكنولوجيا وتتوسّع التجارة وينضج المجتمع على الصعيد الفني والفكري. وأخيراً المرحلة الخامسة وهي مرحلة الإستهلاك الوفير؛ عندما تصل الدولة إلى مستوى عالٍ من القدم حيث يكون هناك رفاهية في مستوى المعيشة وارتفاع في مستوى الدخل الفردي وزيادة في الإنتاج على مختلف المستويات الفكريّة والأدبيّة والعلميّة. ويتعاظم استهلاك الفرد فلا يقتصر فقط على الغذاء والحاجات الأساسيّة فقط.

بالإضافة إلى ذلك ظهرت العديد من النظريات الأخرى كنظريّة النمو المتوازن التي أكدت على ضرورة التوازن بين مختلف صناعات سلع الاستهلاك والتوازن بين الصناعة والزراعة للوصول إلى النمو والتنمية. كما هناك نظرية النمو غير المتوازن حيث "ترجع تلك النظريّة إلى الاقتصادي ألبرت هيرشمان (Hirschman)، الذي رأى أنه من الأفضل أن تأخذ الخطوات الضخمة للاستثمار فقط في عدد محدود من الصناعات الرائدة التي تقود بدورها عملية النمو الاقتصادي في الاقتصادي القومي." أي يقصد أنّ الدولة تستطيع أن تنمو من خلال الاهتمام بقطاع ما على عكس نظرية النمو المتوازن. وهناك نظريّة أخرى تُعرف بنظرية الدفعة القويّة أي استخدام الدفعة القويّة أو برنامج مكثف كبير في شكل حد أدنى من الاستثمار لرفع مستوى الاقتصاد القومي والقضاء على عقبات التنمية في الدول النامية التي تعاني من التخلّف ووضعها على مسار النمو الذاتي. فهذه هي البعض من النظريات التي تمت صياغتها في مجال التنمية الاقتصاديّة وهذا لا يعني أنّه لا يوجد نظريات أخرى، فكل دول تختار النظريّة التي تتناسب مع ظروفها. 

 

التنمية الاقتصاديّة والدول النامية

يُقصد بالدول النامية الدول الفقيرة، والبعض يُطلق عليها الدول المتخلفة. إلَّا أن مهما تعددت تسمياتها يُقصد بها الدول التي تُعاني من مشاكل عديدة لا سيما بسبب الاستعمار أو بسبب المشاكل الداخليّة والخارجيّة. فتتسم بضعف اقتصادها وهياكل الإنتاج وضعف التصنيع واعتبارها مجرد أسواق للدول المتقدم، وكذلك تتسم بانخفاض الدخل الفردي وارتفاع نسبة السكان وانتشار الظواهر الاجتماعية المتمثلة بالفقر والبطالة وارتفاع نسبة الأميّة. كما تتصف الدول النامية بتدني الخدمات بمختلف القطاعات كالصحيّة والتعليميّة والتبعيّة الاقتصاديّة والتفاوت الاجتماعي. وإنّ تطبيق التنمية الاقتصاديّة للتمكن من وصولها إلى أهدافها في الدول النامية يعتريها مجموعة من المعوقات وهي تتنوّع بين المعوقات الداخليّة والخارجيّة:

- المعوقات الداخليّة:

إنّ التنمية الاقتصاديّة تواجه مجموعة من المعوقات الداخليّة، فمن بينها المعوقات الاقتصاديّة التي تتمثل بضعف الإنتاج وانخفاض مستوياته وذلك يعود إلى تدني استخدام التكنولوجيا الحديثة فيها وضعف الامكانيات الماديّة والبشرية. كما أنّ هناك عائقًا اقتصاديًّا يتمثل بالاعتماد على القطاع الزراعي وصادرات المنتجات الأوليّة، حيث يعتمدون على سلعة أو سلعتين فقط للتصدير. وتعمل الدول النامية إلى تصديرها للدول المتطورة بأسعار متدنية لتعود هذه الدول بتصنيعها وتصدّر السلع ذات الأسعار المرتفعة. علاوةً على ذلك إنّ التنمية الاقتصاديّة تواجه معوقات أخرى مرتبطة بالكثافة السكانيّة مما يشكل عبئًا على الدولة من ناحية تأمين الخدمات والضغط على الموارد. وكذلك هناك عائق يتمثل بتردي البنى التحتيّة للدول النامية مما يؤثر على الاستثمار ويعيقه. فضلاً عن ضعف شبكات النقل والتواصل مما يزيد الوقت في إنجاز العمليات التجاريّة. علاوةً على ذلك هناك ضعف في التخطيط الاستراتيجي ووضع السياسات التنمويّة في الدول النامية مما يؤثر على قدرتها في تحقيق التنمية الاقتصاديّة.

- المعوقات الخارجيّة:

من بين هذه المعوقات هناك الديون الخارجيّة للدول النامية، فلتزيد الاستثمار إنها تعمل على الاقتراض الخارجي ولكنها في نفس الوقت لا توظّف القروض بشكل يعود لها بأرباح نتيجةً لضعف التخطيط والسياسات الاستراتيجيّة. ففي "الوقت الذي كانت فيه سياسة الإقراض على قدم وساق لسد الفجوة التمويليّة للمشروعات التنمويّة، كان الفساد الإداري والمالي والسياسي يعم أجهزة الدولة ومؤسساتها في معظم الدول النامية". كما أنّ الاقتراض أغرق هذه الدول أكثر بالديون نتيجةً للفوائد العالية وفرضت بعض الجهات مثل صندوق النقد الدولي شروطها للإقراض مما أثر سياسيًّا واقتصاديًّا واجتماعيًّا على الدول النامية.

خلاصة القول، على الرغم من وجود العديد من النظريات والطروحات حول الدول النامية والتنمية الاقتصاديّة، إلّا أنه ما زال هناك العديد من الدول التي لم تنجح في تحقيق ذلك وما زال عدد الفقراء حول العالم يبلغ نسبة مرتفعة رغم امتلاكها الثروات والموارد الطبيعيّة. وإنّ الدول العربيّة تُعد من بين الدول النامية التي تمتلك ثروات هائلة، إلّا أنّ ما زال السكان يعيشون في بعض الدول العربيّة كلبنان ومصر والعراق وغيرها أوضاع صعبة. فأين يكمن الخلل؟ هل بالدول النامية نفسها أم بطبيعة النظام العالمي وسياسات الدول الكبرى؟ 

 

 

المصادر والمراجع:

مرفت تلاوي، وعمر رزازا، رباب الصدر، معجم مفاهيم التنمية، مؤسسات الإمام الصدر، لبنان، تاريخ النشر غير محدّد.

محمد بشير عليّة، القاموس الاقتصادي، المؤسسة العربيّة للدراسات والنشر، الطبعة الأولى، بيروت، 1985.

صقر أحمد صقر، التنمية الاقتصاديّة، مؤسسة الكويت للتقدّم العلمي، الكويت، 2004.

محمد عجميّة، وإيمان ناصف، وعلي نجا، التنمية الاقتصاديّة المفاهيم والخصائص- النظريات الاستراتيجيات- المشكلات، مطبعة البحيرة، مصر، 2008.

سبوتنك عربي، مقال بعنوان: ما المقصود بالتنمية الاقتصادية؟ وما الفرق بينها وبين النمو الاقتصادي؟، منشور عبر موقع سبوتنيك، بتاريخ 02-06-2021، تاريخ آخر دخول: 27-01-2023، الساعة: 10:30. 

حجلية رحالي، ورفيقة بوخلافة، مقال بعنوان: التنمية من مفهوم تنمية الاقتصاد إلى مفهوم تنمية البشر، المركز الجامعي تيبازة، تاريخ النشر غير محدد.

بيتر دونر، ومحمود الشافعي، الموارد والتنمية، منظمة الأقطار العربيّة المصدرة للبترول، الكويت، 1984.

عبير عبد الخالق، تحليل مقومات التنمية الاقتصادية في الدول العربية في ضوء الأهداف الإنمائية للألفية الثالثة، المجلة العلميّة لكليّة الدراسات الاقتصاديّة والعلوم السياسيّة، المجلد 7، العدد 13، 2022.

عبد الحليم شاهين، التطور التاريخي لنظريات النمو والتنمية في الفكر الاقتصادي، دراسات تنمويّة، المعهد العربي للتخطيط، العدد 73، 2021.

 السر سالم عبد الله أحمد، رسالة مقدمة لنيل الماجستير بعنوان: "التنمية الاقتصاديّة في الدول النامية المعوقات دراسة حالك السودان (2011- 2015)، جامعة السودان للعلوم والتكنولوجيا، كلية الدراسات العليا، السودان، 2017.

Wayne Nafziger, Economic Development, Cambridge University Press, Fourth Edition, USA, 2006.

Prabha Panth, Economic Development: Definition, Scope, and Measurement, Osmania University, India, January 2020.

 

إقرأ أيضاً

شارك أصدقائك المقال

ابقى على اﻃﻼع واشترك بقوائمنا البريدية ليصلك آخر مقالات ومنح وأخبار الموسوعة اﻟﺴﻴﺎﺳﻴّﺔ

ﺑﺘﺴﺠﻴﻠﻚ في ﻫﺬﻩ اﻟﻘﺎﺋﻤﺔ البريدية، فإنَّك ﺗﻮاﻓﻖ ﻋﻠﻰ اﺳﺘﻼم اﻷﺧﺒﺎر واﻟﻌﺮوض والمعلوﻣﺎت ﻣﻦ الموسوعة اﻟﺴﻴﺎﺳﻴّﺔ - Political Encyclopedia.

اﻧﻘﺮ ﻫﻨﺎ ﻟﻌﺮض إﺷﻌﺎر الخصوصية الخاص ﺑﻨﺎ. ﻳﺘﻢ ﺗﻮفير رواﺑﻂ ﺳﻬﻠﺔ لإﻟﻐﺎء الاشترك في ﻛﻞ ﺑﺮﻳﺪ إلكتروني.


كافة حقوق النشر محفوظة لدى الموسوعة السياسية. 2024 .Copyright © Political Encyclopedia